الأربعاء، 29 فبراير 2012

ـ 3 - بــين غــــربتـــين ــ بقلمي ـ تم إضافة جزء آخر بتاريخ 25/02/2012


إهـداء :
 لكل غريب في وطنه ،
ولمن أشعل فتيل الثورات بالعالـم العربي،
إهـداء لكل شهيد سقت دماؤه تراب الوطن و لكل أم وهبت فلذة كبدها للوطن،
إهـداء خاص لـوطني ./
ـ هاجس المستحيل ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
الفـصل الأول : الفضاء الأسـري

دخل فاتح في معركة حامية مع الأرق ، ذات اليمين وذات الشمال يتقلب ، وتلك الأفكار تصر على أن
تحرمه من النوم. منذ أن وعى على الدنيا و هو لا يعرف طعما للحياة غير القهر ، يعيش على هامشها
و يقتات من لـذة الصراع مع الفقر.
ما جـدوى الخوف من الموت ؟ و الوحوش منذ الأزل تنهش طهر الأمل بلا ضمير ، تقمع الحلم في مهده ،
تصنفك غريبا في وطنـك ، ذا هـوية و بلا وطـن.
مزيج من اليأس وحرقة المعاناة أضرم في خلده نيران الحقد و الغضب عليهم ،تساءل بصوت خافت و بانفعال :
ـ ألن نكتفِ بهذا القدر من القمع ؟
ـ أولـم يحن الوقت لنقتلع جذور القهر من الأعماق ؟
انتبه للضوء يتسلل من النافذة و أن الليل أسدل ستاره دون أن يغمض له جفن ، و أن العتمة
كالعادة حقنت في ضميره جرعة أخرى من الحقد و الكره ، و أنها رفعت رصيد الاحساس بالغربة فيه إلى أعلى القمم ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
الأب دنا من الرحيل ، أي مرض تبقى لـم يصب به و لـم يفتك بصحته ، هي الحياة قست عليه من كل جانب ،
لا مهنة ، لا صحة و أبشع من ذلك لا وطـن يحميه ، متعب حـد القرف من الابتسام مجبرا أمام ابنيه فاتح و محمد
و أمام روح البيت ووردته عائشة، تلك الوردة التي يذبل شبابها كل لحظة أمام ناظريه بحرقة ، لقد انقلبت من فاتنة ، ممشوقة ،
ومدللة ، إلى هادئة مملوءة بعاطفة من الشفقة نحوه.
التفت إلى السماء ، و هو يبتسم : رباه يا من تستجيب الدعاء ، استجب دعائي و ارحمني ،
اكتفيت من العزلة ، اكتفيت من نظرة الدونية و اكتفيت أكثر من الحرمان.
سمع طرقا خفيفا على الباب ، فإذا بها عائشة تحمل كوبا و هي تدفع بخطاها نحو الداخل بخفة وهي تقول :
ـ حسين ، جئتك بالحليب الذي اعتدت شربه قبل النوم.
تنفس الصعداء و سرح به الخيال : أيعقل أن يزور النوم و الهدوء من هم بحالته.
و تنهد بعمق قائلا : سلمت يداكـ يا قرة العين.
وضعت الكوب على الطاولة جنب السرير و اقتربت منه أكثر في محاولة لمساعدته على الجلوس،
ربت على كتفها في حنان و عيناه تحملان وجعا مدفونا : عائشة ، سامحيـني ..
قاطعته بسرعة قائلة : تش ش ش ش شش ، لا أطالبكـ بشيء سوى أن تنتبه لنفسك وأن لا تجهدها ، تلك نصائح الطبيب.
أسقته الحليب بحب و عطف كبيرين ، غطته و تمنت له أحلاما سعيدة . وقبل أن تخرج همس لها بصوت خفيف :
ـ مازلت أحبك كما الأول و أكثر .. أتذكرين ..
التفتت إليه و الدمع المتحجر في العين انهمر ، مازلت أذكر و أطفأت النـور و خرجت ..
يتبـع قريبا 

0 التعليقات:

إرسال تعليق