الأربعاء، 29 فبراير 2012

صـــعلوك ، وشــارع بـــورجوازي... بقلمي



جلستُ خِـلسة على مائدة فيها بقايا طعام ، وكأنـّي أُسابق الزمن ، أخذت في نهش بقايا الدجاج والأرز وابتلاع السلاطة ،
كانت لقماتي ضخمة أمرّرها بالماء المعدني مباشرة من القنينة لفمي.
أُسابق الزمن ، أجل ، فبعد دقائق تهاوتْ على قفايَ ضربة ، رمتْ بـشدْق ما بفمي بعيدا أمام الطاولة ،
تبعها شتمٌ وضرب وجرّ لهيكلي الضعيف حتى قارعة الطريق ، ثمّ وأنا أحاول استرجاع توازني للوقوف ،
صاح بي " أيـّها اللعين لقد حذّرتك من قبل ، إبتعد عن الأحياء الراقية ، فإنـّك تشوِّه منظر بيئتها ، إرجع لمزابلك الشعبية".
قالها ، و رمى ببعض قطع النقود أمامي ، ثمّ  ولـّى داخلاً المطعم، وهو يتهادى في لباسه الأسود الأنيق ،
ومنديل ناصع البياض معلّق بحزامه ، إنـّه عميد خدم المطعم .
مسحت كفـّيّ على صدر قميصي الرث الوسخ ، وفمي بطرف كُمّي ، وتتبـّعت النقود ألتقطها وسط الطريق ،
فجأة دوّى إنذار سيّارة و تبعه صوت فرملة العجلات ، لـتتوقـّف سنتمترات عن جمجمتي ، سيارة رباعية الدفع سوداء من أفخم الموديلات.
نزل شابّ ضخم الجسم بـزيّ أسود ونظـّارة تحجبُ نظره، لطم خدّي حتّى هوت قدماي وقال " أيها الكلب لقد كدتَ تخدش سيّارتي ،
إن كنت تريد الإنتحار ، فاذهب لسكة القطار ، فـقيمتك وقيمة أبيك ، لن تساوي عجلة ألمنيوم واحدة لسيارتي.
وضعت يدي على خدّي علـّها تهدئ من ألم اللطمة ، وقلت بصوت متسوّل : " سجارة من فضلك سيدي"
بادرني بصفعة أقلّ شدّة على الخدّ الآخر ، ورمى بعلبة سجائر على الرصيف وهو يقول :" ويدخـّن كذلك ! وهل للكلاب نشوة!" 
ثمّ صعد آلته الساحرة وهو يقهقه " هههه... مجراب ، سيدخن مارلبورو هههه..."

إلتقطت العلبة ، فكانت فرحتي لا توصف حين وجدت مع السجائر قطعة حشيش من نوع راق ،
قبـّلت العلبة ثمّ صرخت في وسط الشارع البورجوازي الأنيق:
" الله يخلف عليكم ، أكـّلتموني ، وحشـّشتموني ، سأرجع الآن لمزبلة الفقر بـلأحياء الشعبية ، وموعدنا هنا... غذا "

بقلم ملثم


0 التعليقات:

إرسال تعليق